قد یتعرض الأطفال الذین یعیشون فی أسر فیها عنف أسری إلى أوجه عدید من التعنیف وسوء المعاملة. فیمكن أن یكونوا شهوداً على سوء المعاملة فیكونون ضحایا ثانویین ویمكن أن یتضرروا نفسیاً وعاطفیاً بسبب ذلك، أو انهم قد یعانوا هم أنفسهم من سوء المعاملة والتعنیف وربما الضرب، وكذلك یمكن ان یعانوا وتعرقل مسیرة حیاتهم جرّاء إنفصال الأبوین، وفی بعض الحالات قد یستخدموا كأدوات لضغط وتلاعب أحد الأبوین على الآخر وكل هذه الأمور هی أوجه للعنف الأسری.
العنف الأسری منتشر على نطاق واسع على الصعید الدولی، وهو مرتبط بأشكال أخرى من سوء معاملة الأطفال، وفقا لتقریر عالمی صدر عن الیونیسیف فی عام 2006 بشأن العنف ضد الأطفال، ووفقا لدراسة نشرت فی عام 2003 یعیش أكثر من 15 ملیون طفل فی أمریكا وحدها فی أسر عاشت عنف أسری مرة واحدة على الأقل فی السنة، ویعیش سبعة ملایین طفل فی أسر وقع فیها عنف شرس جداً.
فما هی أضرار هذا العنف الأسری على الأطفال؟
الوفاة: فی بعض الحالات قد یتعرض الأطفال للضرب المبرح وذلك یؤدی إلى وفاتهم، وفی بعض الأحیان یساء استغلال الأطفال مادیاً ویباعون أو یقتلون لبیع أعضائهم، أو یتعرض الأطفال للإهمال الصحی وإهمال حاد فی التغذیة یؤدی إلى مرض الأطفال أو تدهور أحوالهم الصحیة وبالتالی الوفاة إن فی البیت أو دور الرعایة وغیرها.
التعرض لإصابات أو عاهات مستدامة: قد یتعرض الأطفال لصدمات تعنیف بأشكال متعددة كما ذكرنا سابقاً وهذه الصدمات قد تولد لهم أشكالاً من العاهات الخطیرة إما جسدیاً أو حتى نفسیاً، كالجبن والخوف المستدام، واللعثمة وتأخر النطق، والجنون وغیرها..
إزدیاد ظاهرة تشرد الأطفال: ظاهرة أطفال الشوارع هی إحدى أكثر المعضلات التی تعانی منها الدول حول العالم لما تشكله من خطر محدق حالی ومستقبلی على الأطفال أنفسهم وعلى المجتمع من ما قد یؤول إلى وضع هؤلاء مستقبلاً. والعنف الأسری یعد أحد أهم أسباب ازدیاد هذه الظاهرة، إذ الطفل سیهرب ویلجأ للشارع هرباً من مرارة العیش تحت ظل التعنیف والقهر.
المضاعفات والآثار النفسیة: یعتبر العامل النفسی أحد أهم العوامل المؤثرة فی بناء شخصیة الإنسان وتطویر قدرات الفرد فی التواصل مع الآخرین والمحیط بشكل عام. والعنف الأسری یؤثر بشكل كبیر على طبیعة الطفل فی مختلف مراحله العمریة.
فبحسب بعض الدراسات العلمیة تبین أن الطفل الذی یتعرض للتعنیف یفقد للقدرة على المشاركة والمبادرة وذلك بسبب خوفه من أن یفشل أو أن یتعرض للاستهزاء والسخریة من الآخرین. بالإضافة إلى التردد یعانی الأطفال المعنفون من الإحباط الدائم فی حیاتهم، وكذلك قد یعانی فی مستقبله من فشل فی العلاقات الثنائیة مع الشریك إن كان الزوج أو الحبیب إذ سیعرض الطرف الآخر لتعامل عدوانی أو انه سیتعرض للخضوع، وهذا الامر یندرج على مرحلة الطفولة كذلك فی تعامل الطفل مع أصدقائه ومن حوله فإما یكون عنیفاً وعدوانیاً أو یكون بلا شخصیة وخاضع. وهنا یجدر الإشارة إلى أن بعض الأطفال الذین یتعرضون للعنف قد ینحرفون ویظهر لدیهم تصرفات شاذة وغیر مبررة كما قد یكون أسلوب حیاته مختلف وغیر اعتیادی من الناحیة السلبیة وهذا یشمل الأكل والشرب واللباس والمظهر الخارجی ككل، وأخیراً توصلت بعض الدراسات النفسیة إلى أن الأطفال المعنفین قد یواجهون مشاكل فی التعلم بسبب ضعف فی الفهم والإدراك لدیهم.
مشاكل فی نمو دماغ الطفل
فی واقع الأمر دماغ الطفل وعملیة التعلم عند الإنسان بشكل عام هی عبارة عن عملیة تولد ودعم الإرتباط بین الخلایا العصبیة وتقویضها أو تفكیكها، وهذه الإرتباطات تسمى "سنابسیز" وتعنی نقاط الإرتباط او الاشتباك العصبی. ونقاط الاشتباك العصبی تنظم الدماغ وآلیة عمله من خلال أخذها لطرق او مسارات لتوصل الدماغ أی خلایاه العصبیة بكافة أعضاء الجسم وبالتالی مهامه من تنفس وأكل وشرب وهضم وغیرها لذا مع ازدیاد تجارب الطفل تزداد عدد نقاط التشابك حول هذه التجارب وبالتالی تصبح هذه النقاط المترابطة من الاعصاب عبارة عن نمط سلوكی او معرفی راسخ وقابل للنمو والتطویر.
هذه المقدمة كانت لنوضح أن أی عنف أسری یتعرض له الطفل من حرمان او ضرب أو قوقعة سیحرمه الطفل من التعرض لخبرات معینة قد تحجّم تزاید عدد نقاط الاشتباك العصبی، وهذا یعنی فقدان الطفل لاكتساب هذه الخبرات والتجارب فی سن متأخر وإلى الأبد وبالتالی نمو دماغی أقل من أقرانه فی أی سن كان.
URL تعقيب: https://www.ansarpress.com/arabic/7823
الكلمات: